السبت، 28 يوليو 2018

العالم ينتظر أحداث مناخية متطرفة في الأعوام المقبلة .. ما هي الأسباب ؟



إعداد : عبدالله العصيمي

الرسم البياني في الأعلى يظهر دورات النشاط الشمسي منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي ومرور الشمس بفترات من النشاط والهدوء .

 علما أن النشاط الأخير بدأ في وقت لاحق من عام 2010 وبلغ ذروته في 2014 و 2015 ثم بدأ يتراجع في العامين السابقين ويتوقع أن يكون النشاط الشمسي في أقصى درجات الهدوء والخمول ما بين 2019 و 2021 م 



النشاط الشمسي بإختصار هو تغيرات دورية في طبيعة الشمس نتيجة التغير في مجالها المغناطسي ، ويمكن ملاحظة فترات النشاط من خلال زيادة عدد وحجم البقع الشمسية عبر الدائرة الاستوائية للشمس حيث يبلغ متوسط عدد هذه البقع في حال النشاط 100 أو أكثر وتنخفض في فترات الهدوء ما بين 0 إلى 5 

متوسط دورة النشاط الشمسي تبلغ 11 عاما تزيد قليلا أو تنقص وغالبا ذروة النشاط تبلغ 6 أعوام ويؤثر النشاط الشمسي على الأقمار الاصطناعية والاتصالات اللاسلكية 




ما يهمنا تأثير النشاط الشمسي على المناخ ونتائجه على الظواهر المناخية وهو موضوع هذه الدراسة إن شاء الله 

سنقارن ما بين الرسم البياني الذي جاء في بداية الموضوع والظاهرة المناخية الكبرى في المحيط الهادئ النينو ونقيضتها اللانينا ، وسيكون مجال الدراسة اعتبارا من عام 1978 م حتى الآن 



الدورة الأولى للنشاط الشمسي في الفترة المحددة لهذه الدراسة بدأت منذ عام 1978 حتى 1984 م 

موسم 1978 / 1979 لم يكن هناك ظاهرة مهمة على المحيط الهادئ وسادت حالة من التعادل ( نيوترول )

1979 / 1980 ( نيوترول )

1980 / 1981 ( نيوترول )

1981 / 1982 ( نيوترول )

1982 / 1983 ( نينو )

1983 / 1984 ( نيوترول بارد )

لدينا 5 حالات نيوترول 

1 نينو 

0 لانينا 


الدورة الثانية للنشاط الشمسي بدأت عام 1989 حتى 1995

1989 / 1990 ( نيوترول )

1990 / 1991 ( نيوترول )

1991 / 1992 ( نينو )

1992 / 1993 ( نيوترول )

1993 / 1994 ( نيوترول )

1994 / 1995 ( نيوترول دافئ )

5 حالات نيوترول

1 نينو 

0 لانينا 


الدورة الثالثة للنشاط الشمسي بدأت أواخر 1998 حتى 2004 

1999 / 2000 ( لانينا )

2000 / 2001 ( نيوترول بارد )

2001 / 2002 ( نيوترول )

2002 / 2003 ( نينو )

2003 / 2004 ( نيوترول )

2004 / 2005 ( نيوترول )

4 حالات نيوترول 

1 نينو 

1 لانينا 


الدورة الرابعة للنشاط الشمسي بدأت وقت لاحق 2010 حتى 2016 

2011 / 2012 ( لانينا )

2012 / 2013 ( نيوترول )

2013 / 2014 ( نيوترول )

2014 / 2015 ( نينو )

2015 / 2016 ( نينو )

2016 / 2017 ( نيوترول بارد )

3 نيوترول

2 نينو 

1 لانينا 


ملخص فترات النشاط منذ عام 1978

لدينا 17 حالة نيوترول تمثل النسبة الأكبر 70.83% منها 2 فقط نيوترول بارد والباقي متذبذب بين المتوسط والدافئ

5 حالات نينو

2 لانينا

نلاحظ أن الشكل العام للمحيط الهادئ هو الاستقرار المائل للدفئ ولا يوجد حالات كثيرة للنينو أو اللانينا ويعني ذلك شبه استقرار في سلوك الغلاف الجوي وتراجع فرص الأحداث الجوية المتطرفة





نأتي الآن لفترات هدوء وخمول النشاط الشمسي

الفترة الاولى من 1985 حتى 1988

1985 / 1986 ( لانينا )

1986 / 1987 ( نينو )

1987 / 1988 ( نينو )

1988 / 1989 ( لانينا )

نلاحظ 0 نيوترول 

2 نينو 

2 لانينا 


الفترة الثانية من 1995 حتى 1998 

1995 / 1996 ( لانينا )

1996 / 1997 ( نيوترول بارد )

1997 / 1998 ( نينو )

1998 / 1999 ( لانينا )

1 نيوترول

1 نينو 

2 لانينا 


الفترة الثالثة من 2006 حتى 2009 

2006 / 2007 ( نينو )

2007/ 2008 ( لانينا )

2008 / 2009 ( نيوترول بارد )

2009 / 2010 ( نينو )

2010 / 2011 ( لانينا )

1 نيوترول

2 نينو 

2 لانينا 


ملخص فترات الهدوء الشمسي منذ عام 1985

لدينا 2 نيوترول فقط كلاهما بارد

و 4 حالات نينو 

و 6 حالات لانينا تمثل النسبة الأكبر 50%


نلاحظ أن المحيط الهادئ غير مستقر في فترات الخمول الشمسي ويتأثر بتذبذب شديد ما بين النينو واللانينا مع تفوق واضح لحالات اللانينا ، هذا التذبذب السريع يؤدي إلى حركة قوية في الغلاف الجوي وحالة من عدم الاستقرار خصوصا في فترات الانتقال المباشر من نينو إلى لانينا أو العكس وهي كثيرة وهي كفيلة بتأثر مناطق العالم بموجات من الجفاف أو الأمطار الغزيرة والفيضانات وأيضا العواصف الثلجية وموجات الصقيع أو الحرارة الشديدة صيفا .

إذا هذه الدراسة التي اهتمت بفترة زمنية طويلة بلغت الـ 40 عاما كشفت لنا التأثير المهم للنشاط الشمسي على ظواهر مناخية مهمة تلعب دورا كبيرا في حركة الغلاف الجوي ، حيث يلاحظ أن فترة النشاط تتزامن مع استقرار المحيط الهادئ وتأثير حالة من النيوترول الدافئ غالبا أو حالة من النينو بشكل أقل ويكون نشاط اللانينا نادرا ، لا نستطيع أن نكشف عن السبب الحقيقي لكن أعتقد أن الإشعاع الشمسي الذي يبلغ درجات عالية في مراحل النشاط الشمسي له دور رئيسي في الموضوع لأن المسطحات المائية تمتص جزء كبير من الحرارة التي تصل إلى سطح الأرض وتحتاج بطبيعة الحال إلى وقت طويل لفقدها خصوصا أن ذروة النشاط الشمسي تستمر غالبا ما بين 5 إلى 6 أعوام يكون فيها الإشعاع الشمسي في قمته .

لكن في مراحل الهدوء الشمسي فإن حالة من التذبذب الشديد يشهدها المحيط الهادئ تتفوق فيها غالبا اللانينا وتحدث النينو بنسب مهمة أيضا وأظن السبب أن الأشعة فوق البنفسجية في مرحلة الخمول تتوغل نحو طبقات الغلاف الجوي الأدنى وتسبب ارتفاع الحرارة وهذا كفيل بتغير نطاق الضغوط السطحية واضطرابها خصوصا أن عوامل تكون النينو واللانينا عديدة ومن ضمنها فرق الضغط الجوي ما بين ثاهيتي وسط المحيط الهادئ وشمال استراليا في المنطقة الاستوائية .

نتذكر جميعا موجات الصقيع القوية في السعودية التي حدثت في شتاء 1988 و 2007 و 2008




وسيول المنطقة الوسطى في السعودية نوفمبر 2008 التي سببت الفيضانات والخسائر 


والعواصف الثلجية العنيفة التي شهدتها القارة الأوروبية شتاء 2009 وصنفت الأقوى منذ عدة عقود



وموجات الحر الواسعة وحرائق الغابات الهائلة في روسيا صيف 2010 وبعدها بعدة أشهر فقط وفي شتاء العام نفسه شهدت القارة الأوروبية الشتاء الأقسى عبر السجلات المناخية وعصفت بأجوائها أقوى العواصف الثلجية



معظم هذه الأحداث المناخية المتطرفة والمتناقضة حدثت في فترات الخمول الشمسي والسبب الرئيسي هو التذبذب الشديد فوق المحيط الهادئ فلنا أن نتخيل كيف سيكون سلوك الغلاف الجوي عندما ترتفع الحرارة إلى +2 وأكثر فوق المعدل ثم تنخفض بعد عدة أشهر فقط إلى -2 وأكثر تحت المعدل أو العكس حدث ذلك في 1987 - 1988 و 1997 - 1998 و 2006 - 2007 و 2009 - 2010 وغيرها .

لا يجب أن ننسى أيضا دور المحيط الأطلسي وهو عامل مهم ولكنه يختلف عن المحيط الهادئ كون تذبذب شمال الأطلسي AMO تذبذب مناخي طويل فهو يمر بفترات دافئة طويلة وأخرى باردة تستمر عدة عقود رغم أن بعض النتائج تربط بين ارتفاع الضغط الجوي على المناطق القطبية ومرور الشمس بفترة خمول ويعني ارتفاع أكثر في حرارة شمال الأطلسي لكن هذه النتائج ليست ثابتة .

من الملاحظات المهمة أن حالات النينو القوية جدا في فترة الدراسة حدثت في 3 مناسبات ، اثنتان في مرحلة النشاط الشمسي العالي 1982 و 2015 وكلاهما جاءت حالة اللانينا في السنة التالية ضعيفة ، والحالة الثالثة كانت في 1997 وتزامنت مع مرحلة الخمول الشمسي وجاءت حالة اللانينا بعدها قوية .

بناءا على ما سبق ونتائج هذه الدراسة واتجاه النشاط الشمسي نحو الخمول في الفترة الأخيرة الذي سيبلغ ذروته - على حسب التوقعات - ما بين 2019 و 2021 فإن التوقعات الجوية تشير إلى إزدياد حالة الطقس تطرفا خلال الأعوام الـ 5 المقبلة من ضمنها هذا العام على مناطق العالم وتشمل الأمطار الغزيرة والفيضانات وموجات الجفاف والعواصف الثلجية العنيفة خلال الشتاء وموجات الحر القاسية صيفا وسنلاحظ تعاقب حالات قوية من اللانينا والنينو بشكل سريع وما تسببه من نتائج قوية ومتطرفة .

الجزيرة العربية :

الجزيرة العربية كغيرها من مناطق العالم ستتأثر بهذه الأحداث المناخية الصعبة وسنلاحظ ارتفاع معدلات الأمطار وحدوث السيول ثم تحول الطقس بشكل سريع إلى الجفاف الشديد مع ارتفاع فرص العواصف الترابية القوية وموجات الصقيع والحرارة العالية ، ربما يكون الوضع طبيعيا للوهلة الاولى ويقول قائل أنها طبيعة الطقس لدينا لكن يتوقع أن تحدث هذه الظروف بشكل أكثر من المعتاد ويتحول الطقس إلى النقيض بشكل أكثر من المعتاد أيضا كما حدث على سبيل المثال بين 2006 و 2010 ولو راجعنا الفترة السابقة بشيء من التركيز وخصوصا بين 2012 و 2016 سنلاحظ أن حالة الطقس كانت أكثر هدوءا وأقل تطرفا على كل حال استثناء 2015 الذي تزامن مع حالة قوية وتأريخية من النينو .

العلاقة بين هذه الدراسة والتغير المناخي :

لا يوجد علاقة مباشرة على حسب ما أرى فهي دورات مناخية طبيعية تتكرر كل بضع سنوات ، وهذه الدراسة ربما تفيدنا مستقبلا في التنبؤ والتحذير من الظروف المناخية المتطرفة .

والله أعلم .