الجمعة، 25 أغسطس 2017

تأثير النينو واللانينا صيفا على الجزيرة العربية

سيكون الحديث إن شاء الله عن موضوع هام وهو تأثير النينو واللانينا على موسم الأمطار الصيفية في الجزيرة العربية 

ليس جديدا أن تأثير المحيط الهادئ في باقي أجزاء السنة تم إثباته عن طريق البحوث والدراسات بما لا يدع مجالا للشك 

الحديث الآن عن الفترة الصيفية التي تشهد ابتعاد المنخفضات عن المنطقة نتيجة تعامد الشمس على مدار السرطان وسط الجزيرة العربية 

أولا يجب أن نعلم أن ظاهرتي النينو وهي ارتفاع في حرارة المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ أو اللانينا وهو انخفاض الحرارة أكثر من المعدل المعتاد غالبا تبدأ في التطور من شهر ابريل وحتى يونيو وفي كثير من الأحيان حتى اغسطس " يصادف فصل الصيف " ولا تصل قمة نشاطها إلا في الفترة من اكتوبر وحتى فبراير 

بمعنى أنه من غير المنطقي الحديث عن تأثير هذه الظواهر صيفا وهي ما تزال في طور النمو والنشاط وفي وقت تشهد فيه المنطقة أساسا ابتعاد المنخفضات الجوية

لو فعلنا ذلك سنظلم أنفسنا ولن نصل إلى نتيجة صحيحة 

ودائما أقول أن فهم طبيعة هذه الظواهر وكيفية تأثيرها هي الأهم وهي الخطوة الأولى ، البعض يتحدث ويحاول إطلاق الأحكام وهو يفتقد أقل المعلومات ومنها على سبيل المثال متى تبدأ النينو في النشاط ومتى تصل قمة النشاط " حيث تظهر النتائج "

السواد الأعظم من حالات النينو واللانينا يبدأ في نهاية الربيع ويتطور صيفا الأمر الذي يمنع من ظهور النتائج ويؤدي إلى تأخيرها حتى الخريف والشتاء 

لذلك من الصعوبة التوقع للفترة الصيفية وهي غالبا ذات نمط واحد من حيث معدلات الأمطار ووقتها ونطاق تأثيرها وهي المرتفعات

لكن هناك حالات تظهر بها نتائج النينو واللانينا صيفا وهي قليلة عموما وذلك في حالات النشاط القوي الذي يحدث مرة كل بضع سنوات 

موسم 1997 حالة قوية جدا من النينو 



هذا النشاط القوي والمبكر ساهم في اقتراب التيار الغربي صيفا من المنطقة كما نشاهد بالون الأزرق شمال المملكة الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الضغط السطحي " حرارة أكثر إعتدالا " وبالتالي ابتعاد الرياح الرطبة التي تحتاج إلى ضغط منخفض يقوم بجذبها داخل الجزيرة العربية " أمطار قليلة للمرتفعات "



العكس حدث في الموسم التالي 1998 

حالة قوية من اللانينا نشطت مبكرا 



نشاط اللانينا سيؤدي إلى إبتعاد التيار الغربي صيفا وهي النقطة السلبية في الخريف والشتاء وظروف مناسبة لتقدم الرياح الرطبة " صيف أكثر حرارة وأمطارا " 

شذوذ الضغط العلوي نركز شمالا ونلاحظ ضغط أعلى من المعدل



2010 نشاط قوي و " مبكر " للانينا وهو الأهم 




التيار الغربي بعيد أيضا عن المنطقة وهو الصيف الذي شهد أمطارا غزيرة في بعض المناطق وسط الجزيرة العربية إضافة للمرتفعات 


عادت النينو من جديد 2015 والحديث عن الحالات القوية التي تبدأ في وقت مبكر



الضغط العلوي ومرة أخرى نلاحظ اقتراب التيار الغربي " باللون الأزرق " شمال افريقيا وشمال غرب المملكة



أنبه أن الفترة التي تم دراستها في هذا الموضوع من يونيو وحتى أغسطس

إذا نستطيع القول أن نتائج النينو واللانينا " صيفا " تظهر مع النشاط القوي فقط وهي حالات قليلة كل بضع سنوات

وغالبا الصيف الذي يشهد نشاط النينو يكون أقل حرارة وأمطارا 

والعكس مع اللانينا صيف أكثر حرارة وأمطارا

لكن كما ذكرت في السابق فإن أمطار الصيف غالبا تأخذ نمطا واحدا في أغلب السنوات من حيث المعدلات ونطاق التأثير والفترة الزمنية

بالنسبة لي شخصيا لم أذكر في مناسبة سابقة أن نشاط النينو القوي يسبب الأمطار الغزيزة بإذن الله في كل فترات السنة 

ولكن أقول يجب فهم طبيعة هذه الظواهر الجوية وكيفية تأثيرها بشكل علمي بعيدا عن أي شيء آخر

والله أعلم

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

معامل المحيط الهندي IOD وتأثيره على الجزيرة العربية

إنه موضوع مهم للغاية 

غالبا القيم الموجبة ويقصد بها أن يكون غرب المحيط الهندي أكثر دفئا من شرقه تترافق مع النينو وهذا يؤدي إلى تدفق الرطوبة الجوية بشكل كبير نحو الجزيرة العربية ومساندة كبيرة للحالات الجوية ولكن بشرط أن تتواجد المنخفضات الجوية والهواء البارد الذي يقوم بتحفيز اندفاع هذه الرطوبة 

" وهنا مربط الفرس كما يقولون "

ماذا لو كان معامل المحيط الهندي IOD موجبا أو متعادلا ويكون متعادلا عندما لا تتواجد الفوارق الواضحة ما بين غرب المحيط الهندي وشرقه وتزامن ذلك مع ظروف اللانينا فوق المحيط الهادئ التي تؤدي غالبا إلى تنظيم غير مناسب للغلاف الجوي ، هل ستؤدي هذه القيم الموجبة إلى حدوث فاعلية جوية على مناطقنا في الوقت الذي تنشط فيه اللانينا ؟

سيتم الإجابة على هذا السؤال عن طريق الأمثلة 

في موسم 2007 " موسم الجفاف الشديد وموجات الصقيع القوية التي نتذكرها جميعا " شهد المحيط الهادئ واحدة من أقوى حالات اللانينا في السنوات الأخيرة 

لكن معامل المحيط الهندي كان يسجل قيما متعادلة إلى موجبة ، سيتضح من خلال خرائط OLR وهي تهتم برصد الاشعاع الشمسي حيث تدل القيم السالبة باللون الأخضر والأصفر على تواجد الغطاء السحابي والسحب الرعدية


اللون الأخضر شمال غرب الصومال وهذا يدل أن غرب المحيط الهندي أبرد من شرقه ، وهو ما توضحه صور الأقمار الصناعية أيضا لنفس الفترة 



لكن كان موسما شديد الجفاف ، والسبب غياب الهواء البارد وابتعاد المنخفضات عن المنطقة وهي المحفز لهذه الرطوبة بسبب حالة اللانينا القوية

الأمر نفسه يتكرر موسم 2011 الذي كان جافا في الخريف والشتاء نتيجة حالة من اللانينا 

ومرة أخرى معامل المحيط الهندي كان متعادلا من خلال خرائط  OLR 


القيم السالبة الشديدة " وسط وغرب المحيط الهندي " والموجبة على شرقه جهة اندونيسيا 

وهو ما توضحه صور الأقمار أيضا حيث تتركز التيارات الدافئة على الأجزاء الغربية والوسطى 




موسم 2008 كان نشطا بداية الخريف ونتذكر الحالة الشهيرة بداية نوفمبر والسيول القوية على المناطق الوسطى والتي تعتبر الأقوى على الإطلاق في السنوات الأخيرة 

كانت الحالة السائدة فوق المحيط الهادئ حالة من النيوترول " التعادل " الدافئ بشدة على شرق الهادئ والبارد وسطه وغربه وهو ما انعكس إيجابا للمناطق الوسطى قبل أن يتحول إلى نيوترول بارد في الشتاء 

كان معامل المحيط الهندي سالبا ورغم ذلك حدثت السيول القوية 

خرائط  OLR في نوفمبر ونلاحظ القيم الموجبة باللون الأزرق على الصومال " تعني الاستقرار وضعف الرطوبة "



التيارات الدافئة تتركز على أندونيسيا وشرق المحيط الهندي وهي نفس المناطق التي تتأثر بالقيم السالبة والسحب الممطرة في الأعلى 



الرأي الآخر أن هذه الحالة القوية بسبب المنخفض المداري الذي أثر على اليمن ، لكنني أختلف مع هذا الرأي بسبب أن المنخفض المداري كان في بداية الثلث الأخير من اكتوبر وتزامن معه نزول علوي في اليوم 24 أما حالة نوفمبر فهي حالة مختلفة وأعتقد أن سبب السيول القوية يعود لقوة اندفاع الهواء البارد في فترة مثالية تماما لفوارق رأسية كبيرة


موسم 2009 شهد نشاط النينو الغربية وفي نوفمبر حدثت السيول القوية على جدة 

كان معامل المحيط الهندي متعادلا إلى سالبا واعتقد أن السبب هو طبيعة النينو الغربية حيث تترافق القيم الموجبة للمحيط الهندي غالبا مع النينو الشرقية التقليدية 

ما يهمنا أن هذا المعامل لم يكن موجبا وحدثت السيول على جدة ، إنه نفس الأمر الذي حدث في 2008 والسيول على الوسطى 

خرائط  OLR  القيم الموجبة القوية على الصومال 



والتيارات الدافئة شرق المحيط الهندي أكثر من غربه




هناك دراسة استرالية تقول أن القيم المتعادلة لهذا المعامل تشابه القيم السلبية حيث تبدو جيدة على استراليا والجزر الأندونيسية ، لكنني أعتقد أن حالة المحيط الهادئ وتنظيم الغلاف الجوي بشكل عام هي الأهم وهي من يحدد شكل الاستفادة والأمثلة السابقة خير دليل 



الخلاصة من هذا الموضوع وكما اتضح لي أن معامل المحيط الهندي IOD يعتبر عاملا مساندا في الوضع الإيجابي بشرط أن تكون المنطقة في وضع جيد وتحت تأثير المنخفضات الجوية والهواء البارد لأنها هي المحفز على دخول الرطوبة وتساهم في دفع المرتفع الجوي حتى بحر العرب ، ولنفترض أن هذا المعامل سجل قيما سالبة فلن يكون الوضع سيئا لأن تأثير المنخفضات وارتفاع الضغط على بحر العرب سيؤدي إلى سهولة تدفق التيارات الرطبة إلى الجزيرة العربية .

أما القيم الموجبة فهي ليست بذات أهمية إذا لم تتوفر الظروف المناسبة لدخول الرطوبة إلى مناطقنا وهي الأهم .

ويتضح من خلال هذا الموضوع أيضا عدم صحة بعض الآراء التي تقول إن إيجابية هذا المعامل تساهم في جذب المنخفضات إلى المنطقة بغض النظرعن وضع المحيط الهادئ ولو كان ذلك صحيحا لما شهدت المنطقة موجات الجفاف القوية في 2007 و 2011 وغيرها من السنوات .

والله أعلم .